تقرير عن فتح الاندلس

admin

Administrator
طاقم الإدارة
الفتح الإسلامي للأندلس

الفتح الإسلامي للأندلسهو الفتح الذي قام به الأمويونلشبه جزيرة إيبيريا في الفترة ما بين عامي 711مو714مبقيادة طارق بن زيادوموسى بن نصيروسقوط دولة القوط الغربية, وبذلك يبدأ العصر الإسلامي في الاندلسالذي مدته 800 عام تقريبا حتى سقوط مملكة غرناطةسنة 1492م.

الحالة في إسبانيا قبل الفتح العربي
كانت إسبانيافي الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, تعاني ضعفا سياسيا واجتماعيا يجعلها فريسة سهلة لأي غاز يغزوها من الجنوب أو من الشمال, كان المجتمع الإسباني في ذلك الوقت ينقسم إلى طبقات يسيطر بعضها على بعض, الطبقات كانت:

1. الطبقة العليا المكونة من الملك والنبلاء: لم يكن الملك يعين بالوراثة بل كان يعين بالانتخاب, فالنظام كان ملكيا انتخابيا, لكنه أدى في النهاية إلى تنافس بين النبلاء للوصول إلى الحكم, مما أدى لكثرة المؤامرات بينهم الأمر الذي أدى لإضعاف قوة الدولة, وكان أفراد هذه الطبقة يملكون نفوذا غير محدود ولهم ممتلكات عقارية كثيرة وكانت هذه الممتلكات معفاة عن الضرائب.

2.طبقة رجال الدين:كان الدين في العصور الوسطى في إسبانيا له نفوذ واسع, وكان رجال الدين يتمتعون بنفوذ غير محدود سياسيا وروحيا, إذ كانوا يشاركون النبلاء في انتخاب الملك, وأيضا كانت لهم ممتلكات عقارية معفاة من الضرائب.

3.الطبقة الوسطى: وهي الطبقة الحرة التي تمثل الشعب, كثرتها تدل على رخاء المجتمع وقلتها تدل على اختلاله, وفي الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, كان عدد أفراد هذه الطبقة قليل, كما كانوا مثقلين بالضرائب.

4.الطبقة الدنيا أو طبقة العبيد: وهم الأكثر عددا في المجتمع القوطي في الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, كان معظمهم يعمل في مزارع النبلاء, وكانوا ملكا لصاحب الأرض وكانوا ينقلون مع الأرض إذا بيعت لشخص آخر.

5.طبقة اليهود: كان اليهوديقومون بالأعمال المالية والحسابية في دواوين الحكومة, وكانوا مكروهين لاختلاف عقيدتهم الدينية, ولذلك تعرضوا لكثير من الاضطهادات, فاضطروا أحيانا لقلب نظام الحكم بالثورات, وأحيانا عن طريق المؤامرات.

كانت الحالة الاجتماعية في إسبانياقبل الفتح الإسلاميتعاني الفسادوالتفكك وعدم التماسك, في وقت أصبحت فيه اللأراضي المغربية المقابلة لإسبانيا قوة متماسكة يتيح لها الفرصة للتدخل بها.

السبب المباشر لفتح إسبانيا
تختلف الرواية العربية عن الرواية الإسبانية حول السبب المباشر لتدخل المسلمينفي إسبانيا, الرواية العربية ترجع بذلك إلى قصة انتقام شخصي, القصة تقول أن الكونت يوليانحاكم سبتةكانت له ابنة جميلة اسمها فلورندا وأن الكونت أرسلها إلى القصر الملكي القوطي في طليطلةلتتأدب وتتعلم كغيرها من فتيات الطبقة الراقية, فرآها الملك القوطي لذريق Rodrigo وأحبها فاعتدى عليها, فكتبت رسالة إلى ابيها تخبره وتشكو له ما حصل, فذهب يوليان إلى القصر وأخذ ابنته من هناك, وأصبح يوليان يريد الانتقام فاتصل بموسى بن نصيروأقنعه بغزو اسبانيامبينا له سوء الأحوال فيها فاستجاب موسى لطلبه وأقدم على الغزو بعد أن استأذن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك.

أما الرواية الإسبانية فتقول أن الملك القوطي وقلةAkhila, عندما عزل من ملكه ذهب انصاره إلى حليفه الكونت يوليانحاكم سبتةطالبين منه المساعدة, فقادهم يوليان إلى موسى بن نصيربالقيروانحيث تم الاتفاق على أن يمدهم موسى بجيش من عنده ليرد إلى ملكهم المعزول عرشه بشرط دفعهم جزية سنوية للعرب.


التخطيط لفتح إسبانيا
كان فتح المسلمين لإسبانيا نتيجة لخطة موضوعة, أقرها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بدمشق, باتفاق مع قائده على المغرب موسى بن نصير. قام موسى بن نصيربعدة حملات استكشافية على جنوب اسبانيا، فقام باستدعاء حليفه الكونت يوليانحاكم سبتة, قام يوليان بحشد جيوشه وجاز في مركبين إلى الأندلسوشن الغارة على الساحل الجنوبي, فسبا وقتل وغنم ورجع وامتلأت يديه خيرا وشاع الخبر في كل قطر فتحمس الناس للغزو. لم يكتفي موسى بهذه الغارة الاستطلاعية التي قام بها يوليان بل استدعى أحد ضباطه وهو طريف بن مالك, فأمره بشن غارة على ساحل الأندلسالجنوبي فعبر طريق المضيق ب100 فارس و 400 راجل وذلك في يونيو سنة 710م91 هـفي رمضانفي طريفه, نزل طريف وجنده وأغاروا على المناطق التي تتبعها إلى جهة الخضراء فغنم منها الكثير وعاد سالما. فتبين لموسى بن نصير أن ما قاله يوليان كان صحيحا عن ضعف المقاومة في إسبانيا, فأعد موسى جيشا من سبعة آلاف محارب لغزو الاندلس بقيادة طارق بن زياد.إن فتح المسلمين للأندلس لم يكن منذ البداية مغامرة حربية ارتجالية, بل كان فتحا منظما حسب خطة أعدت من قبل.

عبور المسلمين إلى إسبانيا
اعتمد موسى بن نصيرعلى الأساطيل الإسلامية التي كانت تحت قيادته على طول الساحل المغربي, وجه موسى طارق بن زياد إلى طنجةومن هناك انطلقت السفن العربية الإسلامية إلى الجبل المعروف حتى اليوم بجبل طارق.

معركة جبل طارق
عند نزول طارق بن زيادوجيشه إلى سفح الجبل لقوا مقاومة عنيفة من القوطالذين كانوا على علم بأن المسلمين قادمون لغزوهم نتيجة الغارات الاستطلاعية التي شنت من قبل, فاضطر المسلمونلتغيير خططهم العسكرية وقرروا النزول ليلا في مكان صخري وعر, فاستخدموا براذع الدواب ومجاذف السفن لكي تعينهم على خوض المياه وارتقاء الصخور فالتفوا بذلك حول جموع القوطوانقضوا عليهم قبل أن يشعر القوطبهم. وكان هذا النصر الأول الذي أحرزه طارق عند نزوله أرض الأندلس وتمكن من احتلال الجبل المسمى باسمه حتى اليوم.

حرق المراكب وخطبة طارق
قصة حرق المراكب هي قصة شائعة في تاريخ فتح الأندلستفيد القصة بأن طارق قد أحرق سفنه بعد نزوله الشاطئ الإسباني لكي يقطع على جنوده أي تفكير في التراجع والارتداد. ثم خطب فيهم خطبته المشهورة التي قال فيها:

"أيها الناس. أين المفر؟ البحر من ورائكم. والعدو أمامكم. وليس لكم والله إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام. وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته. وأقواته موفورة. وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم. ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم. وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم. ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم. وتعوَّضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية (يقصد لذريق) فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة. وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن، إن سمحتم لأنفسكم بالموت. وإني لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة. ولا حَمَلْتُكُمْ على خطة أرخص متاع فيها النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي. واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقِّ قليلاً. استمتعتم بالأرفَهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه بأوفى من حظي".

ثم قال:

"وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عُربانًا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارًا. وأختانًا. ثقة منه بارتياحكم للطعان.واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان. ليكون حظُّه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة. وليكون مغنمًا خالصة لكم من دونه. ومن دون المؤمنين سواكم. والله – الله – ولَّى أنجادكم على ما يكون لكم ذِكرًا في الدارين. واعلموا أنني أول مُجيب لما دعوتكم إليه. وأني عند مُلتقى الجمعين حامل نفسي على طاغية القوم لذريق. فقاتله -إن شاء الله- فاحملوا معي. فإن هلكت بعده. فقد كفيتكم أمره. ولم يعوزكم بطلب عاقد تسندون أموركم إليه. وإن هلكت قبل وصولي إليه. فاخلفوني في عزيمتي هذه. واحملوا بأنفسكم عليه. واكتفوا الهمَّ من الاستيلاء على هذه الجزيرة بقتله؛ فإنهم بعده يُخذلون".

والرواية الإسلامية تشير إلى حادثة حرق السفن في ثلاثة مراجع هي كتاب الاكتفاءلابن الكردبوس, وكتاب نزهة المشتاقل الشريف الإدريسيوكتاب الروض المعطارل الحميري.

في كتاب ابن الكردبوس. يشار إلى أن طارق أراد حرق سفنه كي يحشد همم المقاتلة. أما في كتب الإدريسي والحميري, فيشار إلى أن طارقا أحس بأن العرب لا يثقون به وتوقع أنهم لن ينزلوا معه إلى الجبل فعمد إلى إحراق سفنه كي يحول دون انسحابهم بها إلى المغرب.

إتمام فتح الأندلس
بعد هذا النصر الكبير الذي حققه طارق في معركة شذونة فتحت أبواب الأندلسللمسلمين واتجه طارق بالجيش شمالا نحو العاصمة طليطلة, وفي أثناء سيره واجهته قلعة اسمها إسيجهEcijah، فحاصرها ثم استولى عليها, في ذلك الوقت أرسل طارق أقساما من جيشه إلى المناطق الجانبية في الأندلس, اتجه قسم إلى قرطبةبقيادة مغيث الروميمولى عبد الملك بن مروان, فاستولى عليها بعد حصار دام ثلاثة أشهر, واتجه قسم آخر إلى البيرة وما يحيطها وفتحوها. ومن الجدير بالذكر أن طارق وجد وقادته عونا من اليهودالمقيمين في إسبانيابسبب اضطهاد القوطلهم ولذلك اعتمد طارق عليهم في حفظ المناطق المفتوحة في أنحاء البلاد. استمر طارق بزحفه نحو الشمال حتى وصل العاصمة طليطلة, فدخلها دون مقاومة تذكر, إذ كان حكامها وأهلها قد هربوا منها, فكانت المدينة شبه خالية تقريبا, فغنم المسلمونمن كنائس المدينة وقصورها ذخائر وكنوزا كما تشير المصادر العربية.

ثم خشي طارق بن زيادمن أن يقطع عليه القوطالطريق في تلك المناطق الجبلية الوعرة, لأن فصل الشتاء قد اقترب وتعب الجيش الإسلامي من الجهود التي بذلها, والغنائم التي ثقل بها, فكتب إلى موسى بن نصيريطلب منه العون, وفي شهر رمضانعام93هـيونيو 712م, عبر موسى مضيق جبل طارقبجيش كبير من 18 ألف محارب, معظمهم من العرببعصبياتهم القيسية واليمنية, ومن بينهم عدد من التابعينوقد عرف هذا الجيش العربي الأول بطالعة موسى.و سار موسى من طريق غربي غير الطريق الذي سار به طارق, واستولى على مدن أخرى غير التي استولى عليها طارق فاستولى على إشبيليةوماردةوقرمونة, ثم وصل إلى نهر التاجوبالقرب من طليطلةفالتقى بطارق بن زياد هناك. ثم تابع القائدان سيرهما نحو الشمال باتجاه جبال البرتات(البرانس)وأخذت المدن تتساقط بين أيديهم مثل وشقةولاردةوسرقسطة, حتى وصلا إلى شاطئ البحر الشمالي عند الحدود الإسبانية الفرنسية.

و هكذا أنهى كل من طارق وموسى من فتوحاتهما, وأمر الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملكبرجوع القائدين إلى دمشق, فعاد موسى وطارق وخلف على الأندلسعبد العزيز بن موسى بن نصيرواليا عليها عام 95هـ714م.لم يتبقى من الأندلسسوى بعض المناطق الشرقية والشمالية الغربية, أما شرق الأندلسفقد فتحها الأمير عبد العزيز بن موسى بن نصيرالذي أصبح واليا على الأندلس, تركزت المقاومة في كورة تدمير (مرسيةحاليا) وكانت لها قاعدة حصينة وهي أريولة, سميت هذه الولاية بهذا الاسم نسبة إلى اسم حاكمها الأمير القوطي تيودميرالذي عقد معه عبد العزيز معاهدة أريولةالتي احتوت على شروط ضمنت له أن يحكم ولايته مقابل جزية سنوية.أما الجزء الشمالي الغربي من الأندلس, وهي المنطقة المعروفة بأستورياس Asturias في جليقيةأو غاليسيا Galicia, فإن الأمويينلم يفرضوا عليها سيطرتهم بالكامل, بسبب برودة مناخها ووعورة طرقها, فأهملوا هذا الجانب استهانة بشأنه, نتيجة لذلك تمكن بعض من تبقى من الجيش القوطي المنهزم بزعامة القائد المعروف باسم بلاي أو بيلايوPelayo, لجأ هؤلاء القوطإلى الجبال الشمالية في تلك المنطقة, وهي ثلاثة جبال عالية, تسمى القمة الغربية منها باسم أونغاongaفيها كهف يعرف باسم كوفادونغاCovadonga, أما العربفيسمونها باسم صخرة بلاي لأن بيلايواختبأ فيها عندما حاصرهم المسلمونوعاشوا على عسلالنحلالذي وجدوه في خروق الصخور, عندما عرف المسلمونأمرهم, تركوهم استهانة بأمرهم ووانسحبوا وقالوا: " ثلاثون علجا ما عسى أن يجيئ منهم؟ ".

المصادر الإسبانية تعتبر انسحاب المسلمينمن كوفادونغانصرا عسكريا وأيضا نصرا قوميا للإسبان, وتقول أن العون الالهي كان قد وقف إلى جانبهم, أما المصادر العربية فهي تعترف بانسحاب المسلمين عن هذه المنطقة الباردة والقاحلة لكنها لا تذكر شيئا عن قيام معركة ولا عن القائد علقمة اللخمي الذي قاد الجيش هناك ذلك الوقت. وعلى إثر انسحاب المسلمينقامت في تلك المنطقة (شمال غرب إسبانيا(مملكة أستورياس.

مراحل الحكم الإسلامي في الأندلس
اتفق الؤرخون على تقسيم مراحل الحكم الإسلامي في الأندلسإلى خمسة عصور وهي:

1.عصر الولاة:وهو العصر الذي يمتد من الفتح العربي حتى قيام الدولة الأموية في الأندلسمنذ عام 711محتى عام 756م 91هـ - 138هـهذا العصر كانت الأندلسولاية تابعة للخلافة الأموية في دمشق.

2.عصر الدولة الأموية في الأندلس:يقسم هذا العصر إلى قسمين, القسم الأول كانت الأندلسإمارة أمويةمستقلة عن دولة الخلافة العباسيةفي المشرق. منذ عام 756م حتى عام 929م 138هـ - 316هـ. أما القسم الثاني وقد أصبحت الأندلس خلافة مستقلة روحيا عن الخلافة العباسيةعندما أعلن عبد الرحمن الثالثنفسه خليفةولقب بالناصر لدين الله.

3.عصر ملوك الطوائف1031:م1086-م ويبدأ هذا العصر بانتهاء الدولة الأموية في الأندلسوانقسامها إلى دويلات متنازعة إلى أن دخلها المرابطونمن المغربوأعادوا توحيدها بعد انتصارهم على الإسبان في معركة الزلاقةعام 1086مبقيادة القائد البربري يوسف بن تاشفين.

4.عصر السيطرة المغربية أو الحكم المغربي:من سنة 1086محتى سنة 1214م, وفيه أصبحت الأندلسولاية تابعة للمغرب أثناء حكم المرابطينومن ثم الموحدينكانت العاصمة لكلتا الدولتين المتتاليتين مدينة مراكشالمغربية, انتهى هذا العصر بهزيمة الموحدينأمام الجيوش الأوروبية المتحالفة في موقعة العقاب عام 609 هـ1212م أعقب ذلك فترة ملوك طوائف ثانية, أنهى وجودها الإسبان ولم يبقى منها غير مملكة واحدة وهي مملكة غرناطة.

5.عصر مملكة غرناطة: أو الدولة الناصرية أو دولة بني الأحمر, وهو آخر عصر إسلامي في الأندلسمن عام 1231محتى عام 1492م, وهي السنة التي سقطت فيها المملكة في أيدي الملك فرناندو الثانيوالملكة إيزابيلا, وهي نفس السنة التي اكتشف فيها كريستوف كولومبس القارة الأمريكية.
 
أعلى